السبت، 11 يوليو 2009

الرد على شبهة سورة البقرة آية 185

.
====================
.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم

.

.
قال أعداء الله ورسوله :- المسلمون في المنطقة القطبية الشمالية، وصلاة رجال الفضاء:

المشكلة الأخيرة التي أذكرها هي الحقائق التي أغفلها القرآن، مع أنه يقول إن فيه الهدى والنور للعالمين، ولكن لا يوجد إنسان في المنطقة القطبية الشمالية يمكن أن يكون مسلماً! وقد يعترضني معترض بأن كل من يشهد الشهادتين يصبح مسلماً، ولكني أجيبه إنه إلى جوار هذا يجب أن يصوم رمضان والمسلم المقيم في المنطقة القطبية الشمالية سيموت جوعاً لو جاء رمضان صيفاً، لأن الشمس لا تغرب أبداً فسيظل ينتظر غروب الشمس ليفطر فيموت قبل أن تغرب! وسيقول المعترض: إذاً فليصُم ويفطر بحسب التوقيت في مكة أو استكهولم ومع أن هذا منطقي إلا أن معظم المسلمين سيعترضون عليه لأنه فكر غير أصولي ولا زال المسلمون يعتمدون على رؤية الهلال بالعين المجردة لبدء شهر الصوم أو نهايته ومع أن الحساب الفلكي لظهور القمر صحيح تماماً، إلا أن القرآن يقول (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (سورة البقرة 2:185)
. انتهت الشبهة .
.
للرد على هذا المطعن :-
.
المسيحيين واليهود لهم  طقوس دينية تبدأ من شروق الشمس إلى وقت الغروب ، فكيف ينسقوا أوضاعهم  بالمنطقة القطبية الشمالي ؟
.
 يا عزيزي اعلم أن القرآن كلام الله حقا وأنه كما قال تعالى: لَا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {فصِّلت:42} وأنه لا تعارض فيه ولا تضاد ولا اختلاف، كما قال تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا {النساء:82}
.
وإذا توهم أحد أن فيه اختلافا فهذا راجع إلى الجهل وليس إلى القرآن ؛ فالله رخص للمسلم الجمع في الصلاة والإفطار عندما يكون {
عَلَىٰ سَفَرٍ }. وكلمة { سَفَرٍ } هذه مأخوذة من المادة التي تفيد الظهور والانكشاف، ومثل ذلك قولنا: " أسفر الصبح ". وكلمة " سفر " تفيد الانتقال من مكان تقيم فيه إلى مكان جديد، وكأنك كلما مشيت خطوة تنكشف لك أشياء جديدة، والمكان الذي تنتقل إليه هو جديد بالنسبة لك، حتى ولو كنت قد اعتدت أن تسافر إليه؛ لأنه يصير في كل مرة جديداً لما ينشأ عنه من ظروف عدم استقرار في الزمن، صحيح أن شيئاً من المباني والشوارع لم يتغير، ولكن الذي يتغير هو الظروف التي تقابلها، صحيح أن ظروف السفر في زماننا قد اختلفت عن السفر من قديم الزمان.
.
إن المشقة في الانتقال قديماً كانت عالية، ولكن لنقارن سفر الأمس مع سفر اليوم من ناحية الإقامة. وستجد أن سفر الآن بإقامة الآن فيه مشقة، ومن العجب أن الذين يناقشون هذه الرخصة يناقشونها ليمنعوا الرخصة، ونقول لهم: اعلموا أن تشريع الله للرخص ينقلها إلى حكم شرعي مطلوب؛ وفي ذلك يروي لنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاماً ورجلاً قد ظلّل عليه فقال: " ما هذا " فقالوا ": صائم فقال: "
ليس من البر الصوم في السفر " . 
.
وعندما تقرأ النص القرآني تجده يقول: {
وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } أي أن مجرد وجود في السفر يقتضي الفطر والقضاء في أيام أخر، ومعنى ذلك أن الله لا يقبل منك الصيام،صحيح أنه سبحانه لم يقل لك: " افطر " ولكن مجرد أن تكون مريضاً مرضاً مؤقتا أو مسافراً فعليك الصوم في عدة أيام أخر وأنت لن تشرع لنفسك.
.
وقد يقول قائل: ولكن الصيام في رمضان يختلف عن الصوم في أيام أخر ، فأقول: إن الصوم هو الذي يتشرف بمجيئه في شهر القرآن، ثم إن الذي أنزل القرآن وفرض الصوم في رمضان هو سبحانه الذي وهب الترخيص بالفطر للمريض أو المسافر ونقله إلى أيام أخر في غير رمضان، وسبحانه لا يعجز عن أن يهب الأيام الأخر نفسها التجليات الصفائية التي يهبها للعبد الصائم في رمضان.
.
إن قول الله تعالى:
ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة: 187} ليس فيه إشكال من حيث وجود بعض الأماكن التي يطول فيها النهار، وذلك من وجهين:
.
الأول: أن تلك الأماكن التي يطول فيها النهار لستة أشهر أو أكثر كما هو الحال في القطب الشمالي، تلك أماكن قليلة جدا في العالم ومحدودة ونادرة والنادر لا عبرة به، والآية الكريمة إنما هي في المناطق التي يتعاقب فيها الليل والنهار وهذه المناطق هي الأصل في الكرة الأرضية، فكل الأرض يتعاقب بها الليل والنهار بصفة عادية إلا تلك المناطق النادرة.
.
ثانيا: أن الشريعة الإسلامية لم تهمل بيان حكم العبادات في مثل تلك الأماكن النادرة، فقد روى مسلم في صحيحه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن المسيح الدجال أنه يمكث أربعين يوما في الأرض يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم قال الصحابة فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره. فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم حل مشكلة مواقيت الصلاة في اليوم الذي يطول فيه النهار وأنهم يقدرون له قدره، وهذا تنبيه على حكم العبادات المرتبطة بالنهار والليل كالصلاة مثل الصوم والزكاة، فيقدر للصوم قدره وللزكاة قدرها وغير ذلك، وهذا يدل على أن هذه الشريعة من عند الله الحكيم الخبير الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
.
وهكذا الحال في مسألة الصوم في القطب الشمالي يقدرون وقت الصوم كما يقدرون وقت الصلاة استنادا على الحديث المتقدم .
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق