الجمعة، 10 يوليو 2009

الرد على شبهة سورة البقرة 48 و 123

.
====================
.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم



.


.

يدعي أعداء الإسلام أن هناك خلاف بين الآية 48 والآية 123 من سورة البقرة .


فعندما تقرأ قول الله سبحانه وتعالى : { وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً } مكررة في الآيتين لا تظن أن هذا تكرار . لأن احداهما ختامها : { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ } . 

.
والثانية : { وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ }
.
فالضمير مختلف في الحالتين . مرة يرجع إلى النفس الجازية فقدم الشفاعة وأخر العدل . ولكن النفس المجزي عنها يتقدم العدل وبعد ذلك الشفاعة .
.
الحق سبحانه وتعالى يقول :
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا ... لقمان 33 } أي ان الانسان لا يمكن ان يجزي عن انسان مهما بلغت قرابته .. لا يجزي الولد عن امه أو أبيه .. أو يجزي الوالد عن أولاده .
.
واقرأ قوله تبارك وتعالى : 
{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ {80/34} وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ {80/35} وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ {80/36} لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ... سورة عبس}
.
وقوله الحق سبحانه وتعالى : (( لا يقبل منها عدل )) : (( لا يؤخذ منها عدل )) العدل هو المقابل . كأن يقول المسرف على نفسه يارب فعلت كذا وأسرفت على نفسي فأعدني إلى الدنيا أعمل صالحاً .. وكلمة العدل مرة تأتي بكسر العين وهي مقابل الشيء من جنسه . أي ان يعدل القماش قماش مثله ويعدل الذهب ذهب مثله .
.
وعدل بفتح العين مقابل الشيء ولكن من غير جنسه . والعدل معناه الحق والعدل لا يكون إلا من خصمين . ومعناه الانصاف ومعناه الحق . والحق هو الشيء الثابت الذي لا يتغير . وانك لا تتحيز لجهة على حساب جهة أخرى . ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما كان يجلس مع اصحابه يوزع نظره إلى كل الجالسين .. حتى لا يقال انه مهتك بواحد منهم عن الآخر .
.
ولا بد ان نعرف ما هي النفس .. كلمة النفس اذا وردت في القرآن الكريم . فافهم ان لها علاقة بالروح .. حينما تتصل الروح بالمادة وتعطيها الحياة توجد النفس .
.
المادة وحدها قبل ان تتصل بها الروح تكون مقهورة ومنقادة مسبحة لله . ولكن عندما تلتقي الروح بالمادة وتبدأ الحياة وتتحرك الشهوات يبدأ الخلل . والموت يترتب عليه خروج الروح من الجسد . الروح تذهب إلى عالمها التسخيري . والمادة تذهب إلى عالمها التسخيري . وذلك يجعلنا نفهم قول الحق سبحانه وتعالى :

.
{ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {24/24}.. النور } 

.
لماذا تشهد ؟ لأنها لم تعد مسخرة للأنسان تتبع أوامره في الطاعة والمعصية . فحواسك مسخرة لك بأمر الله في الحياة الدنيا وهي مسبحة وعابدة . فاذا أطاعتك في معصية فانها تلعنك لانك أجبرتها على المعصية فتأتي يوم القيامة وتشهد عليك . والله سبحانه وتعالى يقول :
.
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا {91/7} فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا {91/8} .. الشمس}
.
ولقد شاع عند الناس لفظ الحياة المادية والحياة الروحية . لأن الحياة الروحية تختلف عن الروح التي في جسدك . وهي تنطبق على الملائكة مصداقاً لقوله تعالى : 

.
{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {26/193} .. الشعراء}
.
وقوله جل جلاله
{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا ..{42/52}... الشورى } 
.
هذه هي الروح التي فيها النقاء والصفاء . وقوله تعالى : (( ولا هم ينصرون )) . أي ان الله سبحانه وتعالى اذا اقضى عليهم العذاب لا يستطيع أحد نصرهم أو وقف عذابهم . لا يمكن أن يحدث هذا . لأن الأمر كله لله .
.
الإمام / الشعراوي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق